بسم الله الرحمن الرحيم
احبابي رجائي منكم جميعآ ان تقراؤ وتتدبروا ومن لايجد الوقت لذلك يحفظ الموضوع عنده ويقراه في وقت ثاني ارجوكم
1- لكل منا همّ بل هموم يحملها في صدره، إذ الدنيا هي دار الهموم كما قال الشاعر:
جبلت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأكدار
2- الهموم بعضها دنيوي، وبعضها أخروي، فمن الهموم الدنيوية وما أكثرها: همّ الدراسة، الرزق والوظيفة، حاجات الأسرة، أعطال السيارة، مشاكل الأبناء، أخبار الفريق الكروي . . .
ومن الهموم الأخروية: أحوال المسلمين، عذاب القبر، أهوال القيامة، المصير إلى الجنة أو إلى النار، تربية الأبناء، كيفية القيام بحقوق الوالدين، هم الدَين وسداده للخلوص من حقوق العباد. . .
3- الإنسان يعيش في وسط هذه الهموم، إذ الدنيا معاشنا، والآخرة معادنا، فكل منها مصلحة للإنسان يود لو كفيها، لكن ينبغي على المسلم أن يعطي كلاً من الدنيا والآخرة قدرها، فيتخفف من شواغل الدنيا وهمومها، ويجعل همّه وشغله في مسائل الآخرة، وهذا ما أرشدنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((من جعل الهموم همّاً واحداً هم المعاد كفاه الله همّ دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديته هلك)) [ابن ماجه ح4106]. وفي رواية: ((من كان همه الآخرة جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيته الدنيا فرّق الله عليه ضيعته وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له)) [أحمد ح21080]. وفي رواية: ((من جعل الهموم هماً واحداً هم آخرته كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك)) [ابن ماجه ح257].
عن الحسن قال: (فمن تكن الآخرة همه وبثه وسدمه يكفي الله ضيعته ويجعل غناه في قلبه، ومن تكن الدنيا همه وبثه وسدمه يفشي الله عليه ضيعته ويجعل فقره بين عينيه، ثم لا يصبح إلا فقيراً ولا يمسي إلا فقيراً) [الدارمي ح331].
4- السؤال الذي يطرح نفسه: ماهو الهم الأول الذي يسيطر على حياتنا، وهو الهم الذي يسميه النبي صلى الله عليه وسلم الهم الأكبر، وذلك في قوله: (( ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا)) قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب. [الترمذي ح3502].
هل هذا الهم من هموم الدنيا أم من هموم الآخرة؟ حاول أن تكتب الهموم التي تهمك في ورقة، وانظر أهمها لديك، وأكثرها شغلاً لبالك، ثم انظر كم من هذه الهموم للدنيا وكم منها للآخرة، قال علي بن أبي طالب: (ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل) [رواه البخاري في باب الأمل وطوله]
5- من أراد أن يعرف الهم الأكبر الذي يشغله فلينظر في أحواله: ما الذي يفكر فيه قبل نومه أو في صلاته؟ ما الذي يفرحه ويحزنه؟ وما الذي يغضبه؟ما هي أمنياته؟ وبماذا يدعو الله في سجوده؟ وما الذي يراه في منامه وأحلامه؟ ما الأمر الذي يؤثر تأثيراً مباشراً في قراراته كاختيار الزوجة ومكان السكن، هل هو الجمال وإيجار الشقة أم الدين والجوار من المسجد؟ وهكذا. . .
إن التبصر في ذلك كله يدلك على الهم الأول أو الأكبر في حياتك، فتعرف حينذاك أنك ممن أهمته دنياه أو أخراه.