الجيلاني طريبشان شاعر المكابدة
هو ابن الرجبان كان شاعرا مرموقا لم يكتب الشعر للترف واللهو وإنما كتبه للحياة والإنسان ويعد هذا الملتقى هو الملتقى السنوي الذي ينعقد سنويا بجهود أهلية وفاعليات شعبية ليناقش في كل مرة قضية من قضايا الأدب والثقافة ابتغاء لإنتاج رفيع وتوخياً لاكتشاف آفاق المعرفة ومساهمة في تحقيق نهضة ثقافية وعلى هامش الملتقى كانت لهم هذه الكلمات
شاعر وكاتب ليبي معروف، ولد ببلدة الرجبان في 1944، وهي أحد بلدات الجبل الغربي بليبيا، وتبعد الرجبان عن طرابلس حوالي 160 كلم، يحمل إجازة التدريس الخاص (فنون جميلة) 1965، وله اهتمامات بالفنون التشكيلية حيث كانت له بعض التخطيطات، وكان قبل وفاته، يكتب زاوية أسبوعية (الأربعاء من كل أسبوع) ضمن الملف الثقافي للصحيفة بعنوان "تحت المظلة"..
الشاعر/عبدالناصرالباح ،و الشاعرالراحل /الجيلاني طريبشان
نشر محاولاته الشعرية الأولى عام 1963 بصحيفة الأيام، عمل محرراً بصحيفة الأسبوع الثقافي بين 1972، 1979.. خلال الأعوام 1978-1988 تنقل بين لندن، بغداد، دبلن، بريلن، الدار البيضاء.. ثم عمل بالمركز الثقافي الرجبان.. يكتب الشعر والمقالة
متزوج وله ثلاث أبناء (جهاد، أياد، نورالدين)..
مقيم ببلدة الرجبان، وبها توفى يطريقة درامية، خاراً على ركبتيه، خلال مراسم جنازة أحد الأقرباء، في 02/07/2001..
إصدارات:
1- رؤيا ممر عام 1974، الدار العربية للكتاب 1974.
2- ابتهال إلى السيدة (ن)، الدار الجماهيرية 1999.
المخطوطات:
1- مكابدات، شعر.
2- الحلم، نثر
3- ملاحظات ثقافية، مقالات.
سيدة الأقمار السبعة
سيدة الدنيا
عيناك نبعا دهشة
نور رباني،
تباركت العينين
عيناك، يا للهول.. أبصرت حفيف الجفنين
أبصرت ينابيع الدهشة ورياح الفرح المدفون
وأنا.. يا سيدتي أتعلق منذ ميلادي
بعيون امرأة موعودة
تقرأ كفي حينا
أو ترسم وجهي فوق الماء الساكن حينا
أو تدفع قدميا على النيران الهمجية
لو اشتعلت من حولي الغابة
امرأة
شجرة
هل أنت يا سيدتي امرأة موعودة؟
هذا زمن لو لم نتلاق فيه
كان.. يا سيدتي زمنا غادر
هذا مساء لو لم تتلامس فيه يا سيدتي كفانا..
كان مساء عاهر
يصلبني البرد، أتمدد فوق سريري يا موْلاتي..
أتوهم أني مشلول
منتظراً شجرة
امرأة
سيدة الأقمار السبعة
يا سيدة الأقمار السبعة
مدي يديك
مدي اللوحة، ابتسمي
ضجت من حولي الألوان
ضج الأزرق فاقع
والأحمر وردي
أحببت اللون الأزرق
متى لبست سيدة الأقمار السبعة
ثوباً أزرق
أحببت الوردي
وهاجاً يهمس للفجر القادم
أدنو.. أدنو يا فجراً قادم؟
سيدة الدنيا
أبحث عن شجرة
أبحث عن خيمة
أبحث عن امرأة
كلمات الحب على شفة الإنسان القادم عبر المقهى
تهمس.. يا رجلاً محبوب
كلمات الود المنسية
فوق شفاه امرأة سمراء
امرأة خضراء العينين
شجرة
سيدة الأقمار السبعة
لو.. لو تهمس يا مولاتي شفتاك الكلمة
لا تحزن.. خذ قلبي أرجوحة حب لك
خذ قلبي وابصر دربك في العتمة
لكني يا سيدتي عاجز
قلبي أعمى وذراعي مشلول
إني أعمى تتحسس قدمايا الحضرة
إني أحس دبيب الموت
آلاف الأرجل تتخثر يا مولاتي في دمي
هل تعرف امرأة
شجرة
دبيب الموت القادم في الزحمة؟
لو تعرف سيدتي الوردة
الشجرة
لشددت شراعي نحو ينابيع الدهشة
لو نتلاقى يا مولاتي
وأنا رجل مقطوع من شجرة
أخطأني عصري
يبدو وأني قدمت على مركب ريح
ليلة ميلادي..
كانت كلماتي الأولى في وجه الريح
أين الشجرة
أين المرأة
سيدة الأقمار السبعة
طرابلس /ليبيا
ديسمبر 1973
رؤيا في ممر عام 1974
قادم من بحار الأساطير
قبضتي الماء ويديها الحنين
مرساتي ملقاة على النهر
وأنا غارق في اليقين
***
قابضٌ على الريح أغني
لو ضمني مع المدى تيار
أين أيامنا القديمة الخضراء
تنداح
هاهنا إعصار
***
قابض على النار ابكي
محنتي يفح منها نهار
ويكَ أقدم... اقدم
يكاد ينهار فوق رأسي الجدار
***
يبحر النظر
يبحر النظر
بين هذى الدروب وازدحام البشر
وردة غيبتها الثلوج
غير تاج صغير
بدا لي يلوح
في المقابر يوما
وانعطاف الشجر
***
المطاردات أوصدت
عرب قادمون
كان قلب المغنّي
تفاحة أو رصاصة
يحمل النار طفل
كفه بندقية
***
بعضكم يحمل أمره
بعضكم يعرف أن يغتال
...في الصبح المسرة
غير أني كلما اشتد الهجير
أحتمي بالحرف من حمّى الهجير
***
جمعتنا دروب
وحمتنا شعوب
بعضكم كلما دقت طبول الحرب فر
غير أنا كلنا نصبح فردا
كلما جاء النفير
***
فسلاما يا بلادي
إبتهال إلى السيدة "ن"
تقفين على الناصية
تنشرين ملابسك الداخلية؟
تتعرين في لحظة الطلق غب السحر،
وأنا واقف كإله البرابرة القادمين على صهوات الجياد الهزيلة،
واقفاً في الهشيم
واقفاً في الظلام
نافضاً كل غابات أفريقيا
راصداً وجهك الملكي ومتشحاً بالسواد
رافضاً نزوات الجسد،
تضحكين،
تضيء نواجذك الذهبية، يزحف القادمون!!،
يرفعون برانسهم ويدقون باب المدينة:
أيها القادمون من الظل.. لحظة،
إن لي بينكم صاحباً كان يوماً ينام بداري
ويعرف أمي وأختي ويعرف جاري،
كان يرعى الشياه،
ويعشق أجمل ما أنجبته نساء القبيلة،
إنه قاتلي.. فليكن.
أيها الزاحفون على نغمات القبائل:
ضيعتنا المدن.
تعبرين الشوارع غامضة،
غير أني أقرأ سرك في كل باب
وأعلم سر احتكام محبيك إلى البندقية،
لا زهداً، أتمنى يديك،
تمران في راحتي، وتداعب قلبي
وتمسح ما خلّف الهمج المستبدون
من تذب فوق جلدي
لكنني الآن أسألهم، واحداً واحداً: هل تغفرون الإساءة!؟
يا امرأة اللي،
أعرفهم قبل أن يعرفوك
وأعرف تاريخهم قبل أن تولدي،
وأعرف أن الأماني الصغيرة،
حين تلقين شعرك فوق وسائدهم، قد تذوب صباحاً!
وأسألك الآن: إنني واقف في ردهات المطار!
يطاردني وجهك النبوي الجميل،
فأهرب من رخصِ عينيك إلى البار أسأل النادل المغربي:
هل لديك يا سيدي سم سقراط؟!
وأبصر وجهك خلف المرايا، أبصر عينيك، شعرك أسأل:
1- من رتب القصة الرائعة (1)
؟
وتنفتح الذاكرة، وأراك ورائي خلف المباني التي صادرتها الإرادة!
تنشرين تواريخك الناصعة،
تغمزين بنهديك طيرة الفلاة!
تطلعين من السور، تعرضين مفاتنك البربرية
ما الذي أزعج السيدة القبلية: قال لي صاحبي
(إن شكل الزهور على المنذدة لا يناسب)!
2- لحظة أيها القادومن، هذه ليلتي وجه (نوارة)(2) يضحك
المرتشون:
سيدي يا ابن دجلة، إن نخل العراق كئيب!
وتلك السماوات؟
"وفي السموات لا تستحم الكواسج"(3)،
3- ، لا ينبت الألف المشرئب على الشرفات
الندية بالورد، والعشق نار، وتلك القضية،
سأكمل يا سيدي بعض شعري
وأنت الضحية،
كلانا الضحية،
وعبداللطيف(4) على المتوسط ينتظر الشارة النبوية
هوامش:
1- القصة السكسنسة نسبة إلى السكينية بنت الحسين (عائشة عبدالرحمن).
2- نوارة: من الأسماء الشائعة في الريف الليبي.
3- هذا البيت لسعدي يوسف.
4- إشارة إلى الشاعر المغربي "عبداللطيف اللعبي".
أربع حالات للشاعر
الى إبراهيم الكوني
-1-
عندما جئت هذي البلاد
لم أجئها نبيّاً
لا غازياً، لا وصياً
لم أكن مطرُ
لم أنشر الخصب في الحقول النديّة
لم أكن واحة يستظلّ بها المتعبون
لا خيمة تقرئ الضيف،
تشعل النار للضائعين على الطرقات الشقيّة
جئت طفلاً- لم يعلمني أبي حكمة الشيخ-
ولا راودتني البطولة في المهد
كي أرتدي ذات صيف بليد
خرق الصوف، وأدعي الصوفيّة
-2-
عندما جئت هذي البلاد
لم أجيء ملكاً!
جئت أحمل زوَّادتي وظنوني/ وشجون السفر/
ذكريات الطفولة
أنتبذ في الصباح لي حائطاً
ملقياً في الهشيم بالرقم الوثنية
-3-
عندما جئت هذي البلاد
عرجت أبحث عن خان (السري)(1)
علّ لي دارةً أبتنيها
علّ لي أخوة لم يزل بعضهم يحمل طيب البداوة
خفقة القلب،
بسمات الصباح النديّة بالورد
علّ ليلى
علّ سلمى
يساءلن عني الريح لو مرّة/ واقتفين البراري/ ينكتن بأعوادهن
يسألن الرمل عن فرسي العربية؟
ناقتي التارقمية
يفتشن في الصخر عن قدمي البربرية
........
ما الذي جئت أحمله؟
هاأنذا لم أزل أضرب في التيه
لم أجد غير الخمور مغشوشة/ هلوساتُ المرابين
عربات الأخوة الأعداء
دارتي/ ها هي الآن دونها مدعي الثورية!
-4-
عندما جئت لم أكُ أحمل لأصدقاء الطفولة
ربطاتُ العنق
لا النوق العصافير
جئت أحمل ذكريات الليالي الطويلات/
آه الليالي الطويلات
السفر/ المجاعة
ليالي البكاء المر بأقبية الشرطة الممتدة من الجرح إلى الجرح
جئت أحمل نُدباً هي كل ما تركته العروبة لي من
أوسمة يتقلدها الآن البليغون في العدّ
وتلبسها الفاتنات حين يأتي المساء دروعاً من الماس
ليسقط آخر قيس مضرجاً بجفون الشفهيات/ الرشيقات
آه ما أكثر الساحرات
ما أنذر الشاعرات
- آه من ليلة كان لي فيها ساحرة واحدة ما أكثر الذكريات
- داهمتك المنون
(واشتعل الرأس شيباً)(2)
ردّ لي ليلتي الواحدة
رد ليلى
رد سلمى
وانتزع كل ما خلف الغرب والشرق من ضجر
في كهوف الليالي الثقيلات/ النساء/ الحنين/ الأنين الشبق الغجري
خذ كل شيء
أعدني إلى قبر أمي!
أعدني إلى دارتي في الجبل..
أعدني إلى وطني شاعراً...
لا غازياً لا وصيّاً…
طرابلس 20/10/1989 ف
1) فندق السري. خان قديم كان يؤمه غفراء طرابلس من بحّارة وعمال الريف بباب البحر بالمدينة القديمة.
2) تضمين من القرآن الكريم
عن البرنامج اليومي
كنا خمسة في باريس
يقتعد الواحد منا أرضية الغرفة،
وجريدة "لوموند"
ويدير الآخر منا "جرامافون" الصمت
فتغني "لوليتا" أغنية حب
أو تهمس فيروز تناجي العودة..
كنا خمسة لا نملك من أمر الأرض
سوى الصمت..
** ** **
في "الباص" الهابط من مونماتر
يفاجئني الأفريقي الهارب من تطوان
يبيع الصمت
وأردية النسوة، والعادات السمجة.
في "الشانزليزيه" تصحبني إيزابيل إلى المطعم
أقتات بباقات الورد،
وألتهم شطيرة لحم الأوعال.
في "اللوفر"، أعقل ناقات زياد
وأبيع قصائد طرفة بن العبد
وأكتب شعراً في "تواليت" الصمت.
أقفل باب الغرفة
أطفئ تبغ الغجر على منضدة من وجدة
وأقلم أزهار الأصص البلورية
وأغني:
"بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه
وأيقن أنا لاحقان بقيصرا
فقلت له: لا تبكي عينك إنما
نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا"*
وأقفل مرتعداً صوب ألحان
* امرؤ القيس.
انفعالات فوق العادية
لأتيتك من عذاب الفقر
كان البحر أسود
والنسمات ماتت في عيون الطير والأطفال والسفن الشتائية
رأيت الحب مذبوحاً على الإسفلت
وما خفت طيور البحر تستر عورة الميت
ويقفز وجهك الطفلي عبر جهنم الأقزام
يهرب
يهرب
يسأل الأشجار عن وجهي، أنا المقتول في الريح الجنوبية..
** ** **
أتيتك حاملاً كفني
أجرجر كل ما في الأرض من أصفاد
أتيتك من جحيم الأسر مشتاقاً إلى الأنهار
أناجيك معذبتي
أشد على أناملك الطرية يبدأ الإبحار
أتيتك حانقاً، ملتاع
أفتش في رماد الريح..
وجهاً صاخباً الأحزان أسأل:
هل مرت على الميناء ساحرة؟!
تقول الريح: ما مرت..
** ** **
أتيتك هل أسميك بلادي أو معذبتي؟
تخون الزهرة العشاق
يذبل،
يهرب من شوارعها شذى النوار.
طرابلس:1971
أخاف
أخاف.. أخاف
أخاف الليل إذا ما جن،
والنار إذا أكلت جسدي
وأخاف المرأة
والأشجار المصلوبة في عرض الشارع
وأخاف الناس..
ويحي..
وحدي أنا مصلوب في عرض الشارع
وأخاف تواريخي المتواجدة في الظل..
** ** **
ماذا يمكن أن تعطي الأشجار
الأزهار
أخاف .. أخاف
الأزهار
والنيران إذا التهمت وردة
شجرة
امرأة
أخاف .. أخاف المرأة..
** ** **
يقتحم عليّ الوحدة.. والليل.. ويأتي
مفتوناً بعذابي الأكبر
وصل الحزن الوردي
يتقدم.. يأكلني لا أقوى حتى على الإبصار
إني أسقط وأقوم.. وأقوم وأسقط
مطروداً من كل فراديس الدنيا، والآخرة أنا مطرود
أخاف .. أخاف
طرابلس
صقالة الحلفاء: 4/6/1974..
مرثية العمر الضائع
1
في البلاد البعيدة كان يمشي وحيدا
كان يختال بين سرب البنات الجميلات،
الأنوثة تتدفأ في الواجهات
والعصافير قد هاجرت لشفاف البحيرات.
في البلاد البعيد،
كان يمشي وحيدا
في الغسق القرمزي
المكان/ الزمان/ الدخان/ المرايا
المكان
حانة وسط دبلن،
حيث لا يعرف السفراء هم المسافات
كان يأتي صباحاً
ملتحياً بشجون المرارات، حاملاً وجده،
وبقايا عباءته المغربية
شعره الفحم، الأبنوس
كيف تبيض كل هذي الشعيرات..؟
آه
خلفتك المرارات/ العيون التي تبرق الآن عبر الكوى.
2
وجهه الجهم كيف يتبعني مثل ظلي؟
متقفياً أثري،
قارئاً سيرتي البابلية
أنتفض...!
أنتفض، أي هذا الجواد الهزيل،
الطريق طويل
كورك/ ويكلي/ بلفاست/ لندن ديري/ ليفربول/ لندن،
آه لندن
كيف أفنيتني هكذا بغتة؟
المحطات، النهر، الشجر، الميادين
آلهة الحب والحرب،
آلهة الخمر
النساء الجميلات حقاً
كم مرة يتضوعن بالزعفران؟.
المغربي المهاجر، يشرب الخمر
يبكي
ثم يل
ولمن اراد معرفة قبيلة الرجبان الليبية اليمنية توجد نبدة في قسم تواريخ الدواسر
شكرااااااااااااا