محمد أبو حمرا
انتقل إلى رحمة الله تعالى الشيخ سويّد المحمد السويّد من أعيان مدينة جلاجل؛ وقد فجع الذين يعرفونه وهم كثيرون بخبر وفاته؛ حتى كثر المعزون في بيته رحمه الله رحمة واسعة؛ ومن باب اذكروا محاسن موتاكم؛ فقد كان يرحمه الله وجهاً لامعاً في سبيل إسعاد الآخرين؛ وعلى أكتافه قامت أسر كثيرة وقف مع عائلهم لإيجاد مصدر رزق له؛ حيث إنه يقف مع المحتاجين سواء بالمال أو الجاه؛ وكثيراً ما كان رحمه الله يردد المثل الشعبي المشهور (البخيل بخيل الجاه) وكثيرون شفع لهم في إيجاد عمل يقتاتون منه، وشفع للكثيرين أيضاً في بعثات أو دورات تعليمية أو نحو ذلك من مسالك العلم سواء داخل المملكة أو خارجها؛ حتى عادوا لوطنهم وخدموه وبنوا أسراً تعيش بسعادة وطمأنينة؛ والسبب هو الله تعالى ثم شفاعة أبي فهد يرحمه الله؛ ولم يأته أحد ويقول: لي موضوع في المكان الفلاني وأريد شفاعتك. إلا لبس عباءته وذهب معه باذلاً جاهاً له قيمته عند الرجال الذين يقدرون الرجال.
وأبو فهد -يرحمه الله- كان مع موظفيه مثل الأخ الأكبر لهم، فكان يوجههم وينتقد المهمل بأسلوب فكاهي لا يخدش كرامة الموظف، وفي رحلات البر كان هو الكل في الكل، وعلى الرغم من أنه وصل إلى المرتبة الرابعة عشرة كمدير عام له قيمته الإدارية والاجتماعية وله هيبة الرجل الذي ينتمي اجتماعياً لجذور قوية، إلا أن الذين يخرجون معه للرحلات يخجلون من كونه هو الذي يعمل الشاي والقهوة وإذا رأى زميلاً أو صديقاً يريد أن يقوم بعمل شيء قام وقال: عنك عنك، والله ما تسوّيه أنا أسوّيه. وهذه المواقف كثيراً ما أخجلت زملاءه وأصدقاءه، وقد تعوّد على مثل تلك المبادرات في الرحلات، حتى قال أحدهم: إذا كان سويّد معكم فلا تحملوا هم، لأنه يكفيكم كل شيء ولو أردتم أن تقوموا به، والله إني أستحي من تصرفه لأنه أخونا الكبير ويحرجنا.
بعد تقاعده كان مثالاً في التواصل الاجتماعي، فلا تفوت مناسبة إلا كان هو أول الحاضرين، وكان يسعده رحمه الله أن يرى مشروعاً منجزاً، أو يرى مشكلة اجتماعية بين شخص أو أشخاص قد حلت وانتهى الخلاف فيها، وكثيراً ما سعى لإصلاح ذات البين في موضوعات كثيرة نعرفها ونسجلها له رحمه الله.
أبو فهد من نوعيات الرجال الذين يحبون سعادة الآخرين، وهي ميزة لا تكثر إلا لدى من هم قادرون على استيعاب قيمة الإنسان وقيمة الحياة.
وقد حدثني أحدهم قائلاً: ضاقت بي السبل في إيجاد عمل لي بعد الزواج حيث خسرت في مشروع متواضع كل ما عندي، فذهبت إلى الشيخ سويد وقلت له: تكفى يا أبوفهد أنا كذا وكذا. فقال: أبشر والله بالسعد، والله أن أبذل لك جهدي كله، ما هوب على شانك بس على شان بزرانك. قالها وضحك، ثم تسهّل موضوع توظيفي وأنا الآن أسكن في بيت ملك وبخير ونعمة وذلك بفضل الله ثم جاه أبي فهد رحمه الله.
مسألة الجاه مسألة غالية وثمينة، يعطيها الله لمن يستحقها ويقدرها، ولا يقدّر قيمتها إلا أصحاب الجاه، لذلك كسب أبو فهد ذلك الجانب وسجّل اسمه في سجل الرجال الذين قام على جاههم وبذلوا. أسر كثيرة تدعو له بالرحمة والرضوان، ولهم أمل في أبنائه أن يسلكوا طريق أبيهم ذلكم الرجل الذي امتلك الشهامة وقلوب محبيه؛ وفي أبنائه خير وبركة.
رحم الله أبا فهد وأسكنه فسيح جناته آمين.
جريدة الجزيرة
فاكس: 2372911