::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: - عرض مشاركة واحدة - الأخبار الأقتصادية ليوم الأحد .!
عرض مشاركة واحدة
قديم 16-09-2007, 07:11 PM   #43
 
إحصائية العضو







ابومبارك الدوسري غير متصل

ابومبارك الدوسري is on a distinguished road


افتراضي رد: الأخبار الأقتصادية ليوم الأحد .!

نفوق الجمال ظاهرة لعجز الجامعات وقصور النظام الإداري

د. عدنان بن عبد الله الشيحة - 05/09/1428هـ
- تم حذف البريد -

لقد أثارت مشكلة نفوق الجمال بأعداد كبيرة وفي مناطق مختلفة من السعودية قضية في غاية الأهمية تتعلق بدور الجامعات الوطنية في التنمية ونشاطات البحث والتطوير العلمي والدراسات الميدانية, ليس في مجال العلوم التطبيقية وحسب ولكن أيضا في العلوم الاجتماعية والإنسانية وما يتعلق بالسياسات العامة والاستراتيجيات وتطوير النظم. فالسعودية التي تعد الموطن الأصيل للجمال العربية من الغريب أن تحدث فيها مثل هذه الكارثة على حين غرة دون أن يكون أحد قد تحسب لها أو توقع حدوثها، فالجميع منشغلون بالأعمال الروتينية والمعاملات الورقية والإجراءات الشكلية، إنه غياب تام لاستراتيجية وطنية لتنمية الثروة الحيوانية وغيرها من القطاعات. ولذا كانت أعداد الجمال النافقة تتزايد يوما بعد يوم والجميع في ذهول تام واندهاش مما يحدث ولا أحد يعلم ما يجب القيام به وما الحلول والمعالجات. القضية لا تتعلق بوزارة الزراعة فقط التي لا يوحي اسمها بأنها مسؤولة عن الثروة الحيوانية، بل ترتبط أيضا بعجز الجامعات ممثلة في كليات البيطرة وأقسامها ومراكز أبحاث الجمال التي مضى على إنشاء بعضها أكثر من أربعة عقود. لقد كان من المتوقع أن تكون لدى الجامعات السعودية الخبرة والدراية والمعلومات والدراسات والأبحاث التطويرية التي تسهم في الحفاظ على الثروة الحيوانية وتنميتها وبالتالي القدرة على اكتشاف السبب وراء نفوق الجمال، إلا أن وزارة الزراعة وجدت نفسها مضطرة إلى إرسال عينات إلى فرنسا للتعرف على أسباب المشكلة. هل يعقل في ظل وجود كليات البيطرة في بلاد الجمال أن يكون الآخرون أكثر تخصصية منا؟ هناك بكل تأكيد حلقة مفقودة في عملية صنع القرارات العامة وقصور في منظومة التعامل مع القضايا العامة؟ إن الجامعات تدور في فلك ضيق محصور داخل أروقتها, ما جعلها غير فاعلة تجاه قضايا المجتمع. هذا يعود بطبيعة الحال إلى النظرة الضيقة لبعض القيادات الإدارية في الجامعات لدور الجامعة واقتصاره على قبول الطلاب وتدريسهم دون التطلع إلى نقل الجامعات إلى مستوى أعلى وأدوار أوسع وأشمل وأهم بالتركيز على الأبحاث التطويرية الإبداعية وتشجيع الابتكار والاختراع والمبادرة في استكشاف المشكلات واقتراح البدائل والمعالجات للإدارات الحكومية. إنها مشكلة تتعلق بانغماس الجامعات في أنشطة لا تمت بالضرورة إلى العملية التعليمية والبحثية. ولا أدل على ذلك من طريقة صرف الميزانيات والمخصصات, إذ نجد أن هناك اهتماما بالشكليات والتخلي عن الضروريات. إن بعض الجامعات تعاني الخلط بين الأولويات ليصبح الطالب والأستاذ الجامعي والبحث العلمي (أعمدة العملية التعليمية) في ذيل القائمة. إنه من المدهش على سبيل المثال أن يهتم لشأن الإداريين فيحصلون على المكاتب الفاخرة المكلفة والصلاحيات الواسعة بينما يعطى أعضاء هيئة التدريس الفتات والنزر اليسير ويضيق عليهم في كل أمر ليتحولوا من الإبداع إلى الجمود, ومن الاهتمام بالبحوث إلى الحضور والانصراف. أما الأقسام العلمية فأصبحت مسلوبة الإرادة لا حول لها ولا قوة دون ميزانيات وقليل من الصلاحيات لا تؤهلها لتقوم بدورها الحقيقي في تطوير الحقل المعرفي والمهني وبناء خبرات جوهرية. إن أي محاولة لتطوير البرامج الأكاديمية أو اقتراح برامج جديدة يقابل بعاصفة من الاعتراضات وتوضع أمامها العراقيل والتعقيدات الروتينية التي يتحكم فيها البيروقراطيون داخل الجامعة. لقد أسند الأمر إلى غير المختصين لتكون نتائج القرارت في غير صالح العملية التعليمية. إن ما يحدث في بعض الجامعات هو ابتعاد عن الأهداف الصحيحة والأدوار المطلوبة, وبالتالي بذل الجهد والمال والوقت في غير محله. ولذا لم يكن مستغربا أن تقف الجامعات مكتوفة الأيدي عاجزة عن التعامل مع المتغيرات والمستجدات في المجتمع وانحسر دورها وحجمها لتكون حاضنة لمن أعمارهم بين الثامنة عشرة والثانية والعشرين. إنها مأساة كبيرة أن تتحول الجامعات إلى مدارس بينما يفترض أن تكون مراكز للبحث والتطوير والتثقيف والإسهام بإحداث تغيرات جوهرية تنقل المجتمع إلى آفاق أرحب وأوسع من التقدم العلمي والتحضر الاجتماعي والقوة الاقتصادية لتهيئ الفرصة للاقتصاد الوطني للمنافسة العالمية ولتتبوأ الدولة مكانة عالية بين الأمم. كثير من الدول أمثال كوريا الجنوبية وماليزيا وحتى تايلاند استطاعت عبر تطوير التعليم الجامعي بناء مواردها البشرية لتكون الانطلاقة وانضمت إلى نادي الصناعيين ويكون لها موطئ قدم في عالم أصبح أكثر تنافسية وأكثر حركة وتغيرا. إن هناك ضرورة لإعادة تنظيم التعليم الجامعي وإعادة صياغة أسسه والقيم التي يستند إليها والأهداف التي يلزم تحقيقها ضمن استراتيجية وطنية عامة وشاملة لقطاعات أخرى. إن ما يميز الدول الأكثر تقدما هو العمل الجماعي المنتظم وتنسيق الأدوار بين جميع الفاعلين والتزام كل طرف دوره حسب قوانين وإجراءات دقيقة وواضحة تقود إلى تحقيق الأهداف التنموية. إن التشرذم الذي نشهده في العمل العام في أن كل جهاز حكومي ينكفئ ويتحوصل على نفسه ليتحول العمل إلى تنافس محتدم بينها بدلا من حال التكامل والتعاون في تحقيق أهداف تنموية مشتركة. إن هذا التشت في الجهود يؤدي إلى تعطيل المشروع التنموي ويحسر التطلعات نحو مستقبل أفضل. إن معظم ما نواجه من مشكلات وأزمات مثل مشكلة نفوق الجمال هو بسبب التفكير الجهوي الضيق والبحث عن مصالح الجهاز الإداري دون الأخذ في الاعتبار مدى الإسهام في العمل المشترك وتحقيق المصلحة العامة. إن ما يزيد الطن بلة هو اعتماد الوزارات والمصالح الحكومية في قراراتها على الإجراءات الروتينية الداخلية دون الاستجابة للمتغيرات والمستجدات في بيئتها، فتكون في حالة جمود وركود لا تتناسب مع الظروف المحيطة فتعجز عن الاستجابة وتقديم ما هو مطلوب وما ينبغي عمله في الوقت المناسب. لقد تحولت عملية صنع القرار إلى الاعتماد على الحدس والميول والاجتهادات الشخصية، بدلا من المعايير المهنية والمقاييس العلمية. ولذا ليس هناك وصف وظيفي وإن وجد يكون على الورق ولا يتم الالتزام به, أما الحوافز فروتينية لا تمت بصلة إلى تقييم الأداء, كيف ذاك وتقييم الأداء لا يؤخذ على محمل الجد. إن هذا الوضع الاداري لا يتطلب المهارات والمعارف التي تدرس في الجامعات ويقلل من أهمية الدراسات والبحوث الميدانية والإحصاءات في صناعة القرارات. من هنا افتقد التعليم الجامعي أهميته, خاصة إذا ما عرفنا أنه لا يتم الالتزام بالشروط الوظيفية ومتطلباتها التخصصية . لقد أصبحت هناك ثقافة في الإدارات الحكومية في أن الموظف يستطيع القيام بجميع الأعمال بغض النظر عن تخصصه لأن الأداء لا يخضع لمعايير مهنية محددة. إن المركزية الشديدة في عملية صنع القرار العام تسهم في تردي الوضع الإداري وتخلق بيئة عمل تتصف باللامبالاة وعدم المسؤولية.
إن نفوق الجمال ظاهرة لمشكلة، وإن تحديدها ووضعها في سياقها الصحيح أساس الحل. ما يجب عمله هو وضع استراتيجية وطنية شاملة لجميع القطاعات تحدد الأدوار والوسائل والإجراءات المطلوبة لتحقيق الأهداف الوطنية العامة للخمسة والعشرين سنة المقبلة، تحويل الجامعات إلى مؤسسات مستقلة يقوم على إدارتها مجلس للأمناء يتكون أعضاؤه من شرائح المجتمع المختلفة، دعم البحوث والدراسات ليس من الناحية المادية وحسب ولكن من الناحية القانونية بحيث يكون متطلبا لأي مشروع أو سياسة عامة، تقييم أداء إدارات الجامعات بناء على مساهمتها في التطوير وإيجاد برامج جديدة وحلول للمشكلات الاجتماعية. فيما يتعلق بالثروة الحيوانية يلزم تعديل اسم وزارة الزراعة إلى وزارة الزراعة والثروة الحيوانية ليعكس أهميتها في الاقتصاد الوطني.

 

 

 

 

 

 

التوقيع

موقع جائزة الشيخ مران للإبداع العلمي.

http://morran-award.org.sa/index.php

    

رد مع اقتباس