أحب أن أوضح أمر قد يفوت على الكثير من الأشخاص الذين يعارضون المحافظة على الألقاب القبلية واحيائها. فالألقاب والنخوات التي تطلق على القبائل تكتسب في العادة عن طريق الأفعال والصفات العامة لكل قبيلة. وعلى قدر مواقف القبيلة تكون ألقابها ونخواتها. والألقاب والنخوات (العزوة) ليست لمجرد الإفتخار على الأخرين، بل إنها تحمل في طياتها آلية للحفاظ على صفات القبيلة ومواقف أبنائها من جيل إلى جيل. إذ أن أبناء كل قبيلة يحاولون الاتلزام بالصفات التي أهلت أسلافهم للحصول على اللقب أو النخوة التي يفتخرون بها أو يتنادون بها في وقت الأزمات والحروب.
والألقاب والعزاوي ليست بدعاً، بل إنها كانت معروفة منذ القدم. وقد أقرها الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ أطلق على الأزد لقب (يا مبرور)، وكان أبو هريرة ينادي قومه الأزد (ينخاهم) بهذا اللقب أثناء المعارك. وقد صنف في الألقاب والعزاوي والنخوات عدد من المصنفات في الماضي والحاضر.
وحفاظاً على ماضي الأسلاف وتضحياتهم التي استحقوا بها القابهم ونخواتهم، وحرصاً على اقتداء الأجيال الحاضرة وأجيال المستقبل بالقيم الجميلة التي كان عليها أسلافهم، فيجب المحافظة على هذه الألقاب والعزاوي وتذكير الأجيال الحالية بها.
واسمحوا لي بتقديم بعض ألقاب وعزاوي قبائل عسير السراة (المحيطة بمدينة أبها من جهاتها الأربع).
1- بني مغيد:
يطلق عليهم (مغيد الخطا) لتصديهم لمن يرتكب الأخطاء بحق الآخرين فيردونه إلى جادة الطريق لقوتهم ونفوذهم ورئاستهم.
يقول الأمير علي بن محمد بن عايض اليزيدي، مشيراً إلى هذا اللقب:
مغيد الخطا في الحرب ونتابع القدى=ممن يعرف القدوة ويحسن طلابها
ويطلق عليهم ايضاً لقب (جمهور) لكثرة عددهم وتعدد احلافهم.
2- علكم:
يطلق عليهم (علكم الهول)، وهذا اللقب خاص بهم وتورده أغلب المعاجم والكتب التاريخية مقرون باسم قبيلة علكم، وإن كان البعض في الفترات المتأخرة يطلقه على عسير من باب إطلاق الخاص على العام. ومن القابهم أيضاً (علكم الطلاعة) وهو مرتبط بأفعالهم الحربية المشهورة. كما أن من عزواتهم (صبيان دهاش) ودهاش عند العسيريين هو الحرب. ويضرب بهم المثل في علوا الرأي (الشور) فيقال (نصبة علكم)، كما يضرب بهم المثل في الحمية فيقال (حميِّة علكم).
3- ربيعة ورفيدة وبني ثوعة:
يطلق عليهم (المحالف) لتحالفهم واجتماع رأيهم. ورغم أننا نقتصر هنا على إيراد ألقاب القبائل الرئيسة، فإن لكل قبيلة فرعية في منطقة عسير القاب ونخوات مستقلة، ونورد القاب ونخوات القبائل الفرعية في ربيعة ورفيدة وبني ثوعة مثالاً لغيرها من القبائل. فعزوة أهل طبب (بني حسن)، وعزوة أهل الغال (صبيان بندر)، وعزوة الرفقتين (نصب البرد)، وعزوة ربيعة (مساكة الحرب)، وعزوة آل الحارث (صبيان زحلي) وعزوة بني ثوعة (ثوعة الدم).
4- بني مالك:
ويطلق عليهم (مالك الحشر) لمواقفهم الحربية المشهورة. كما يطلق عليهم (أهل السمت) لحلمهم ووقارهم. كما يطلق عليهم (خُطُور السّنة) لإكرامهم الضيوف وعابري السبيل في وقت المجاعة.