يتمتع الحصان العربي الأصيل بذاكرة حادة، وخاصة للأماكن التي يمر فيها أو الاشخاص الذين يتعاملون معه،
وفي المعارك يتذكر الجهة التي آتى منها حتى لة أصيب بجروح بالغة، فالحصان إذا انطلق بعيداً عن مربطه فهو لا
يخطى طريق عودته إلى مربطه مهما بعدت المسافة عنه، كما يفهم الإشارات الصادرة من فارسه ويعرفها و يتجاوب معها.
يقول براون :" يعد الجواد العربي من أذكى الخيول على الإطلاق، وإن صفاته الرائعة مثل: الذاكرة وسعة الصدر والوادعــة
تجعله أجدر المخلوقات وأنسبها لخدمة الإنسان، كما ترفعه قدرته على القيام بوظائف ذهنيه أخرى، إلى مرتبة الصديق
الذي يستحق كل اهتمام وعناية....."،
ان الحصان العربي يعرف وقع قدمي صاحبه دون أن يراه، فيصهل له ويحمحم معبراً ن الفرح والتحية لصاحبه،
وإذا فاجأه في الليل، وهو نائم ولم يسمع صوته، هب مذعوراً يدافع عن نفسه، فإذا عرفه تغير حاله، وأخذ موقف
الخجل والاستحياء بعد صولته وإظهار العداء، ويبدأ بالحمحمة ويخفض رأسه.
و الخيول العربية الأصلية وفيه لأصحابها، وخاصة الذين يقومون بتربـيـتها بأنفسهم، فتقبل عليهم إذا نادوها،
والجواد العربي يقوم بدور الحراس الأمين لفارسه، فيضل يقضاً منتبهاً لكل حركة، " شاهدت فرساً لأعرابي كان
يتركها مطلقة وينام، فتأخذ بالدوران حوله وتحميه كفارس أمين. ولما كان البعض يجرب أن يدنو منه يتهجم عليه
بكل حده...وشاهدت فرساً أخرى تجثو على يدها عندما يكلمها فارسها بهذه العبارة أخ أخ"
فالحصان إذن من الحيوانات شديدة الوفاء لصاحبها، لا يفارق فارسه إذا سقط عنه،
بل يظل إلى جانبه يحرسه ويحاول إيقاظه وإنهاضه.
وقصص وفاء الخيل لأصحابها كثيرة، ومنها؛ عندما أوفد علي باشا إلى الجزيرة العربية ليشتري له خيولاً عربية فأشترى له عدد من الخيول وكان من بينها
واحدة بيعت وصاحبها في الحج، فلما عاد وسأل عنها أخبروه أنها بيعت لعباس باشا فرفض البيعة وذهب إلى مصر
لاسترجاعها ودخل على عباس باشا وطلب فرسه وكان يحمل نقودهاوقد مضى على البيعة ثمانية أشهرفقال
عباس : إننا لانعرف فرسك لأننا اشترينا خيولاً كثيرة فقال : هي التي ستعرفني وإن لم تعرفني فلا فرس لي
عندكم فوافقوا على ذلك وأخرجوا الخيل جميعاً فوقف صاحب الفرس على ربوة مرتفعه وأخذ ينادي فرسه
بإسمها فرفعت الفرس رأسها وحركت أذنيها لتميز الصوت
فلما عرفت صوته انطلقت
تعدو إليه وأخذت تتمسح بيديه وخديه فقبلها وبكى من حرارة اللقاء وشدة الوفاء فتأثر عباس باشا وأعطاه فرسه
وثمنها وطلب منه أن يعدهم بمهرة من إنتاجها ...
و هذه قصة رويت عن الشيخ صنهات الشطير شيخ قبيلة الشعب من بني عمرو من حرب نقلها عن والده
بدر الشطير الذي يقول (في إحدى الغزوات أصيب الفارس المعروف عوض أبو رأسين الشعبي ولم يمت في
المعركة إنما توفي في طريق عودته حيث سقط عن فرسه، فبقيت الفرس عنده
عدة أيام تحوم حوله وتطرد الضواري عنه حتى أدركها العطش فماتت بجانبه).
و ما حدث في إحدى الدورات النهائية لـبطولة العالم في القفز على الحواجز التي أُقيمت في ألمانيا الغربية
عام 1983م، وهى من أصعب مـباريات الفروسية، إذ تبلغ مساحتها سبعة كيلو مترات يتخللها 32 حاجزاً
متفاوتاً الإرتفاعات .. حدث أن سقط الفارس السويسري " آرنست بومان " من فـوق ظهر جـواد عربي أصيل
وارتطم رأسه بخشبة الحاجز فلقي مصرعه. فـوقف جواده حزيناً بجوار جثـمانه كأنه ينتظر صحوته من غيبوبته
.وعـندما وصل المشرفون وفـريق الإسـعاف زمجر الجـواد في هيجان، واعترضهم
عنـد نقل الجثمان في مركبة
الإسعاف، فاضطروا إلى وضع الجثمان على ظهره، وأن يعودوا بهما من ميدان البطولة كأنه انتهى.
وقد نشرت الصحف
هذا الحادث في صفحاتها الأولى مـشيرة إلى مبلـغ وفاء الجواد العربي.
ومن أبلغ قصص وفاء الحصان العربي حـادث آخر وقـع في مصر منذ عـدة سنوات أبرزته الصحف في حـينه،
وخلاصتـه: أن أحـد أصحاب مزارع إنتاج الخيول كان شغوفاً بجواد معين في مزرعته، يرعاه بنفسه، ويعتني كثيراً
بنظافته وإطعامه وتدريبه، وفى صباح أحد الأيام فـيما كان الرجل يتفقد خيول مزرعته كعادته، أُصيب بنوبة قلبية
سقط على إثرها فاقد الحياة على مشهد مـن جواده المحبب، فأضرب الجواد عن الطعام والشراب منذ ذلك
اليوم، وتملكته حالة عصبية مصحوبة باضطراب وهياج كلما حاول إنسان الاقتراب منه، وفشل الطب البيطري
فـي عـلاجه، ولما يئس من الانتظار تحرر من مربطه وانطلق نـحو مرتفع في المزرعة فسقط ونفق على الفور،
وفـارق الحـياة التي رحـل عنها صاحبه .
فسبحان الخالق كيف خلق وابدع في خلقه
منقول